ملخص المقال
أطلق المشاركون في افتتاح جامع محمد الأمين بوسط بيروت في 18 أكتوبر 2008م دعوة إلى تعميق خيار الحوار والمصالحة اللبنانية
في خطوة أعادت التذكير بـ «معنى لبنان» وحاجة المنطقة إليه كأرض لحوار دائم بين الأديان وتجربة في التعايش مع الآخر والعيش معه، أطلق المشاركون في الافتتاح الرسمي لجامع محمد الأمين بوسط بيروت دعوة ملحة إلى تعميق خيار الحوار والمصالحة والالتفاف حول الدولة، وبدا واضحًا من كلمات المشاركين تصاعد القلق من مناخات التناحر والتنابذ الطائفية والمذهبية القائمة في أكثر من مكان في المنطقة، وحض الخطباء اللبنانيون والعرب على التمسك بنهج الاعتدال، ورفض محاولات تغييب مكونات تاريخية على غرار ما يشهده العراق. والاحتفال الحاشد الذي جمع الأطراف السياسيين بكل تلاوينهم من أكثرية ومعارضة، إلى جانب مرجعيات دينية لبنانية وعربية ووزراء ودبلوماسيين عرب وأجانب، وبينهم السفير الإيراني محمد رضا شيباني، في غياب تمثيل روحي سوري، كان البارز فيه تعهد رئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري «بذل كل المستطاع في سبيل جمع الصفوف وفتح أي صفحة تعطي اللبنانيين فرصة التضامن حول الدولة وقوة الاعتدال هذه تحديدًا لجعلها قوة لبلدنا وأمتنا وعروبتنا». وإذ أكد الحريري أن «المحكمة الدولية في انتظار أولئك الظالمين المجرمين المفسدين في الأرض الذين ارتكبوا جريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه الأبرار»، واعتبر أن «ما يجري في الموصل في العراق، لا يمكن فصله عما جرى ويجري في فلسطين المحتلة، وفي عكا اليوم، وفي القدس في كل يوم». واعتبر وزير الأوقاف السعودي الشيخ صالح آل الشيخ «أن العدل سيدرك مهما تلبَّدت السماء بالغيوم، أو هبت الرياح هنا أو هناك»، وأكد «أن رسالة المسجد الحقة تفرض دينيًّا الرفق والاعتدال، وتفرض مواجهة ظلال الغلو والإرهاب الذي لا يوجد إلا في المغارات المظلمة التي خلت من البصر والبصيرة». وسجل في الوقت ذاته موقف لافت لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي شدَّد - في حديث إلى صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية وزع أمس - على وجوب «تنظيم خلافاتنا والاعتماد على وسائل الديمقراطية». ورأى أن «أيًّا كان من يربح في الانتخابات النيابية المقبلة، يجب أن يحكم، حتى لو فازت المعارضة فيجب تحمُّل المسئولية، وإذا كان «حزب الله» هو من يتسلم الدولة، فلا بأس»، مُنَبِّهًا إلى أن «بناء الدولة لا يحتمل الانتظار». وإذ أعلن السنيورة دعمه إقامة علاقات ممتازة مع سوريا، شدد على «أنها ليست عدوة، بل إسرائيل هي العدو، إنما لا يمكن ولا يجب الاستمرار في أن نكون فلكًا ضمن الدولة السورية». ودعا إلى ترك مسألة قتلة الرئيس رفيق الحريري «في يد المحققين والمحكمة الدولية». إلى ذلك، أعلن قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي - أثناء جولة تفقدية على الوحدات العسكرية في شمال لبنان - «وجوب مواكبة أجواء المصالحة والوفاق التي شهدتها مدينة طرابلس أخيرًا بمزيد من اليقظة والحضور الأمني الفاعل، والاستعداد الدائم لحسم أي إشكال يقع بالسرعة المطلوبة». وعن الانتشار السوري على الحدود الشمالية، أكد قهوجي «التعاون مع الجانب السوري الشقيق؛ بغية وضع حَدٍّ نهائي لأعمال التهريب وتسلل الأفراد على جانبي الحدود»، لافتًا إلى «أن قدرات الجيش في هذا المجال باتت أكثر فعالية، بعد تشكيل القوة الخاصة بمراقبة الحدود، ومدِّها بتجهيزات ومعدات متطورة». وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان أكد في القمة الفرنكوفونية المنعقدة في كيبيك «التزام لبنان لعب دوره كاملاً في المؤسسات الإقليمية والدولية، لا سيما المنظمة الفرنكوفونية»، لافتًا إلى «أن لبنان الذي يستعد لتنظيم انتخابات تشريعية جديدة في ربيع العام المقبل، يحتفظ بذكرى جيدة من البعثة الفرنكوفونية لمراقبة الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2005م». وشارك سليمان في جلسات اليوم الثاني التي تناولت مواضيع «الحفاظ على البيئة، تعميم الديمقراطية، تكريس أسس الحكم الصالح، وتعزيز اللغة الفرنسية». وشدد في كلمة لبنان على «أهمية قيام أكثر فاعلية للدول الفرنكوفونية في أعمال حفظ السلام، إضافة إلى عملية تعزيز السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، بموجب قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية»، معربًا عن قناعاته «بأن ذلك لا يمكن إلا أن يلقى تشجيعًا من قبل الأمم المتحدة». وقال: «إن شعوب بلداننا تتوقع منا أن نواصل العمل من أجل السلام والحوار، وهي مهمة مطابقة لرسالة لبنان الذي يتوق إلى تكريس موقعه كمركز معترف به دوليًّا لحوار الأديان والثقافات». وعبّر عن ثقته بـ «أن الفرنكوفونية لن تتوانى عن دعم قضية لبنان المستقل، السيد، والمستقر والمزدهر». صحيفة الحياة اللندنية 19 / 10 / 2008م
التعليقات
إرسال تعليقك